الجمعة، 8 فبراير 2013

وكأنكم كلكم رؤساء مصر


وحتى لا تحزنوا أو تتململوا من نتيجة إنتخابات ، هي أصلاً رغبة مزيج الشعب المصري ، أو مزاجه ، ولم تكن ضد شخصكم ، فالفوز والخسارة يأتي من الشعب وعليه ، ويرتد إلى مواطنيه الذين لم يقتنعوا بالوعود التي أعلنت عليهم .  فإن كان مقصدكم هو مصلحة الوطن ، فعليكم أن تثبتوا ذلك بإستمراركم في العمل من أجل مصر العظيمة ، وإليكم من الأمثال كثيراً ، بل وعليكم أن تشكروا من لم يقتنعوا لأنهم أطلقوا لكم حرية العمل الوطني الصحيح من واقع مواهبكم وملكاتكم .
فلقد استمعنا إلى خلاصات البرامج التي أعدها ثلاثة عشر من الذين رشحوا أنفسهم لرئاسة جمهورية مصر ، فكان بعضهم يتناول عموميات من الإصلاح ، وخصوصيات من التنمية التي اعتقدوا أنه الطريق إلى انقاذ سفينة مصر من الغرق ، في بحر من الضديات والتناقضات والعنتريات ، فوعدوا ناخبيهم بوعود أغلبها غير مدعم بالتمويل الكافي ، أو حتى الكشف عن مصادره ، أو وسيلة كبحهم لجماح الموظفين والعمال الذين لا هم لهم إلا المطالبة بجبر ما فاتهم من دخول ، تجعلهم يصلون بالكاد نحو خط الفقر ، وليس تحته ، ولم يقدموا ما يستحلوا به مكافأة عملهم .
وقد طال بنا الزمن الذي طالب فيه السابقون بمكافحة الآفات الرئيسية ، وهي:  الفقر والجهل والمرض ، وقد استراحوا من المطالبة بحقوقهم بطريق الموت ، الذي أراحهم من الكفاح الصامت ، إلى أن وصلنا للمطالبة الثورية ، فجعلت حل مشاكل أصعب من الفقر والجهل والمرض ، وهي الوعي بالظلم ، والجرأة على المجاهرة بإستخلاص الحقوق .... ولكنها في هذه المرة تمتطي جياد الفوضى ، وجِمال العنف ، مثل "موقعة خيبة الأمل"!  وبعد أن زُوِدَت بأسلحة تنم عن مقاومة خبيثة يستعدون لها ، ويشتاقون إليها الفوضويون الغافلون ، فلم نسمع من الذين رغبوا في رئاسة مصر العظمى ، والذين نالوا من "الشعب" نصيبهم العادل من الانتخابات ، سبب عزوفهم عن الإقتراب من المسائل الساخنة والمحرقة  . . . ليس لحداثة درايتهم ، وضحالة معلوماتهم بما تقف عليه مصر العظيمة من كنوز طبيعية وبشرية متميزة ، ولو سمع الناخب المصري أي برنامج تبناه أي من الذين رغبوا في رئاستها ، لتفوقوا وأدركوا الحد الأعلى من النجاح .
أما وقد سلك الناخب المصري اللماح بسلوكه الفطري والتلقائي ، وأعطى صوته لمن اعتقد أن وعوده أقرب إلى الواقع ، وأوضح من غيرها .  فهل يمنع ذلك الذين لم يفوزوا احصائياً ، أن يبرهنوا ، في القليل ، على وطنيتهم وصدق نواياهم ، ليمتنعوا عن "الإغواء الثوري الإنتقامي" ، وألا يثيروا الإحتجاجات ويضعوا المعوقات ، لينضموا إلى الطغمة الخبيثة التي تستعد لإشعال شرارات الحرائق المذهبية ، سواء أكانت دينية أو فكرية ، ليعكروا صفو ذهن الرئيس المنتظر ، ويعلموا أن غالبية الشعب المصري اتجهت إلى معاونة رئيسها على قيادة البلاد بأسلوب من الحكمة والحزم .
فكم رأينا من منافسين حزبيين وسياسيين محنكين ، لم يبخلوا على أوطانهم لمجرد عدم حصولهم على أصوات مواطنيهم ، بل نهضوا بجهودهم الطيبة وحسن نواياهم لصالح بلادهم .  مثال ذلك انصراف "آل جور" إلى اهتمامه بأخطر مهمة لحماية البيئة ، وتكوين هيئة لمكافحة التدهور البيئي بعد أن خسر أمام "جورج بوش" ، و"توني بلير" رئيس وزراء انجلترا الذي كُلف بإستعمال مواهبه في قضايا الشرق الأوسط ، و"جوردون براون" الذي اهتم بسياسات مكافحة الفقر ، و"كوفي انان" الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة لإيجاد حل للمشكلة السورية ، و"جون كيري" و"جون ماكين" في زيارتهما الأخيرة لمصر ، وحتى "هيلاري كلينتون" بعد هزيمتها أمام "أوباما" اتخذها الرئيس ذراعه الأيمن في إدارة البلاد ، وزوجها "هنري كلينتون" الذي تطوع لقيادة مراقبة الأعاصير السونامية ، والتنبوء بموعد حدوثها .  ولا يفوتنا قائدهم السياسي والدبلوماسي المخضرم "جيمي كارتر" الذي تنقل بين أفريقيا وتركيا وأخيراً إلى مصر ، ليطمئن الشعب والعالم ، بأن الإنتخابات غاية في النزاهة والمدنية .
فهل يطمع الشعب العظيم في رحابة نفوسكم ، لتثبتوا إن الوطن فوق المصلحة الشخصية ، وأن تكونوا جماعات من حكمائها ، فكما قال مارتن لوثر كينج " علينا أن نتعلم كيف نعيش معاً إخوة أذكياء ، وإلا سوف نموت جميعاً فرادى  أغبياء  " ، واطرقوا أبواب الرئيس طوال مدة رئاسته ، لمعاونته ، وإني أوكد لكم ، أنكم لن تجدوها مغلقة !
                                                                                                                                                                                 د.جمال غوردون
نشرت فى27 مايو 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق