الأربعاء، 6 فبراير 2013

فوضي التقاضي .. وظهر البعير !

إزدادت  جرائم النشر  غير الملتفت اليها،  وألقت بعبيء مضاف علي  النيابة العامة،  إلي ان وصلت  اعتاب ديار القضاء واعمال القضاة،  وأخيرا أوجبت التعامل القانوني معها،  وقد تناولت بعض الصحف النشر عن الكثير من الاعراض،  واجتذبت المزيد من الاصدارات الصحفية،  حتي بلغت حد الانفلات الواجب التصدي اليه،  قبل ان يبلغ  التأثير علي العمل السياسي بشكل فعال مستقبلا .
وهذا يعيد إلي الذاكرة ما حدث بعد قيام النظام الجمهوري بقليل،  عندما تكتلت جبهة لمعارضته،  مستخدمة وسيلة التأثير علي القضاء،  فمن اشهر القضايا،  القضية التي اتهم فيها شقيق احد السياسيين الشرفاء الذي كرهته تلك المعارضة،  فانبرت إلي مهاجمته من خلال اتهام شقيقة في واقعة نسبت إليه  غدرا،  أحيل بسببها إلي محكمة جنايات الجيزة،  في حين خصصت » المعارضة « احدي الصحف اليومية واخري اسبوعية صفحاتها،  للنشر عن ذلك الاتهام،  بالرغم من تحذيرها بعدم النشر علي تلك الصورة الفاضحة خلال طرح القضية في ساحة القضاء،  الا انها مضت في تضخيم الاتهام والافتراء علي شقيق السياسي الكبير،  وانتهي الامر بالحكم عليه بالسجن عشر سنوات،  واودع في السجن في جريمة لم يرتكبها،  وما تلا ذلك من أثر كاد ان يقضي علي المتهم وأسرته – الامر الذي تبينته محكمة النقض،  لتقضي ببراءة الشقيق،  لخلو أوراق القضية من اي سند للإدانة – أدي إلي الاعتقاد بأن محكمة الجنايات قد تأثرت بما كان ينشر في جرائد  » المعارضة « لذلك،  فان القضاة لايعملون بالسياسة،  ويتبصرون بشدة عند نظرهم قضايا تؤثر فيها السياسة،  ومن واجب الاعلام في المقابل،  ان يستجيب بالالتزام عند النشر بقدر المستطاع،  وللمحكمة ان تسمح بنشر ما تراه لازما لإشفاء رغبة الجمهور،  حتي تتم المعادلة بين حرص القضاء وحرمته وبين شغف وسائل الإعلام وحرصها علي النقل والتنوير .
فجريمة التأثير علي القاضي من أخطر الجرائم ليس فقط لانها عدوان لايحتمل علي عقله وضميره ونزاهنه – بل لان التأثير هو طلب الحكم ظلما،  وذلك يعني ظلم الناس جميعا،  ومن هنا كان حكم المادة ٧٨١ عقوبات،  بأن  » يعاقب كل من استعمل وسيلة من وسائل النشر للتأثير علي القضاة في منازعة مطروحة علي القضاء … » ومع ذلك،  فإن حظر النشر ليس إطلاقا، حرصا علي العلانية،  فقد اباح القانون بعض المحظورات التي يثبت انها تأدت بحسن النية،  وإلاافرغنا الإعلام من مهمته الاساسية،  باعتباره مرآة الحقيقة التي لاتخدع،  لايستطيع احد أن يكذبها،  بخاصة اذا صدرت رسميا بموافقة إدارات المحاكم، وبالقدرة الذي يسمح به القضاة .
غير ان تلك الجريمة تتكرر حتي الآن لمرات عديدة،  وقد فشت بين فئات من المسئولين،ثم انحدرت إلي العامة،  لإمكانية مرورها بلاجزاء،  بخاصة بعدما بلغ  التأثير هدفه بالشوشرة وسعة الانتشار .
والرأي ان ذلك التجريم لم يشرع لحماية السلطة القضائية فحسب،  بل لمنع حدوث الفوضي تحت ستار الحريات،  والتذرع بحق الاضراب والتظاهر السلمي للتأثير علي المستهدفين من الاشخاص،  بغير سابق دراسة أو استناد إلي حقيقة واقعة، وبحيث يكون التعبير عنها منتجا في التوصل إلي مصلحة مشروعة – عامة كانت أو محدودة – وهي ظروف تتحدي وسائل الإعلام،  وتطرح عليها تقديرات وموازنات صعبة،  وتتركها للفطنة والحكمة،  والا فإن العقوبة سوف تختلف بالمضاعفة علي المهنيين لعلمهم بالقانون وبمواثيق شرف مهنهم  » ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب «.
اما العلانية القضائية،  فإنه ليس كل من يحضر جلسات المحاكم،  ويزاحم فيها،  أهلا لحضور الجلسات بل منهم اميون اندسوا لاغراض عدة،  فالعلانية القضائية يكفيها ان تكتمل بوجود عدد المتقاضين والمدافعين عنهم في قاعة المحكمة،  ولاحرج اذا اقتصر حضور الجلسات العلنية علي ذوي الصفة والمصلحة في حضورها،  وليست علي  غرار المسارح الرومانية التي يحضرها كل الناس لمشاهدة المصارعين !!   .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق