الأربعاء، 6 فبراير 2013

فوضي التقاضي‮

العلاقة ‮ ‬بين افراد المجتمع،‮ ‬وتجمعاته العامة والخاصة،‮ ‬شملها القانون بقوته الثابتة،‮ ‬مستمداً‮ ‬صلاحيته بتفويض من الدستور،‮ ‬ومتناولا جميع المصالح التي تكفل سير الحياة بسلاسة وسلام،‮ ‬غير أن الخلاف والمخالفة طبيعة من طبائع البشر،‮ ‬قد تنشأ بين أصحاب الأعمال وبين منافسيهم،‮ ‬أو بين الجيران،‮ ‬أو بين الأزواج،‮ ‬أو بين الموظفين ورؤسائهم،‮ ‬علاوة علي الجرائم،‮ ‬كالكذب والسرقة،‮ ‬والغش،‮ ‬والمشاجرات الدامية والقتل،‮ ‬وهي تكثر،‮ ‬مع الأسف في المجتمعات الفقيرة،‮ ‬بسبب الجهل أو البطالة أو‮  ‬غلاء المعيشة،‮ ‬وكلها أحوال ملزمة للإستعانة بالمحاماه،‮ ‬علي خلاف الأحوال المدنية‮. ‬فمع كثرة التعاملات وتنوعها وتشابكها،‮ ‬والتي يصعب حصرها،‮ ‬انفتح المجال لبسطاء الناس ان يضعوا شروط التعامل فيما بينهم،‮ ‬وأكثرهم يحاول ذلك بدون الإستعانة بخدمات المحاماة المتخصصة في مختلف نواحي التعامل،‮ ‬بعقود واتفاقات تناسب كل نوع منها،‮ ‬في اطار النظام العام والقوانين الخاصة،‮ ‬فيترتب علي ذلك المسلك‮ »‬الأهلي‮« ‬خلافات ومشكلات يستغلها البعض،‮ ‬لينفذوا من خلال الثغرات التعاقدية‮ »‬العامية‮« ‬ليحصلوا علي‮ ‬غيرما اتفقوا عليه ظاهريا،‮ ‬وبسوء قصد،‮ ‬إلي ان تعددت النزاعات،‮ ‬واستعرت الخصومات،‮ ‬بين اطراف ليسوا علي دراية بالقانون،‮ ‬فتزايد الإلتجاء للقضاء للفصل فيما كان يمكن تجنبه،‮ ‬لو تحررت جميع انواع المحررات بواسطة المحامين،‮ ‬الذين عليهم مراعاة توافر حسن النية،‮ ‬والانصراف إلي تحقيق إرادة المتعاقدين ورغباتهم،‮ ‬والابتعاد عن تغليب مصلحة طرف علي مصلحة الطرف الآخر،‮ ‬حتي لاتتفاقم المنازعات،‮ ‬وتنعكس بالضعف علي اقتصاديات الوطن،‮ ‬بالانشغال في المنازعات‮.‬
فتحرير الاتفاقات والعقود ضرورة تتبعه الحكومات والهيئات والشركات،‮ ‬وأية مؤسسة،‮ ‬مهما صغر حجمها،‮ ‬وهو ما نأمل ان يفرضه القانون علي جميع المحررات التي تقوم بين الافراد،‮ ‬كشرط أساسي من شروط نظرها امام المحاكم،‮ ‬وبالتالي يقل عدد القضايا التي تستحق بذل الجهد للفصل في أمور لم تكن في حسبان المتعاقدين وقت التعاقد‮.. ‬فالدور المهم للمحامي هو منع الخلافات قبل وقوعها،‮ ‬وليس من بعد وقوعها،‮ ‬وهو عمل يفوق اضعاف عدد عمله امام المحاكم،‮ ‬ويزيد من دخله،‮ ‬ويحقق الراحة للجميع،‮ ‬وهو ايضا دور اجتماعي جليل،‮ ‬يتسم بالاستقامة وحميد الخصال‮.‬
بيدأ ان ذلك قد يعتبره جمهور المتعاملين،بأنه عبء مرهق لماليتهم،‮ ‬ولكنهم لو فطنوا لقياسه بما سوف يلاقونه في التقاضي من إرهاق مالي،‮ ‬ومضيعة للوقت،‮ ‬وضغط علي النفسية‮.. ‬لوجدوا انه افضل وسيلة لسير الحياة بلا‮ ‬غرم،‮ ‬وفي هدوء وسلام،‮ ‬مقابل اتعاب بسيطة،‮ ‬قابلة للزيادة مع ارتفاع مستوي المعيشة،‮ ‬يحددها القانون،‮ ‬تجنبا للإنتهازية والمغالاة‮. ‬ومن المسلم به ان ذلك يحكم التعامل،‮ ‬ويحسن العلاقات بين الناس وبين وكلائهم من المحامين،‮ ‬كما يوجههم إلي اختيار المحامي المتخصص في انواع التعامل،‮ ‬مدرجة التخصص في قوائم تمسكها نقابة المحامين للتسهيل علي الجمهور في اختيار المحامي المناسب،‮ ‬مثل التخصص في عقود البيع والشراء والرهن للأراضي الزراعية والعقارات،‮ ‬أو المتخصص في الوصايا والهبات،‮ ‬أو التأمينات والعمل،‮ ‬أو المشروعات الصناعية،‮ ‬أو حفظ حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع‮.. ‬وهي الكفاية التي جاءت في نص المادة ‮٣٦ ‬محاماه‮.‬
ولو حدث ذلك من قبل،‮ ‬لما كانت الخسائر الفادحة التي لحقت بجمهور السذج الذين مازالوا يتعاملون مع مجرمي توظيف الأموال،‮ ‬أو شجعوا المشتغلين في الاحياء المحلية،‮ ‬والذي ترتب عليه البناء بإرتفاعات مخالفة للقانون،‮ ‬وإرتكانا علي ثغرة سداد المخالفات وانتشار العشوائيات حول المدن،‮ ‬وما تبع ذلك من تدهور للبيئة،‮ ‬وضغط علي المرافق العامة،‮ ‬وازدحام الشوارع واحتلال ارصفتها وتراكم القمامة،‮ ‬وعشوائية الاعلانات‮.. ‬وغيرها من المخالفات،‮ ‬التي لو تصدي لها المحامون بحزم‮- ‬تفعيلا لعلاقتهم بالمجتمع في وقت حدوثها‮- ‬لكان نقيض ما نحن عليه اليوم‮!!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق